منذ القدم، وقدم الإنسانية تعتبر الأمراض النفسية والعقلية أو الجنون مرضًا قديمًا، وقد سجل لنا التاريخ وصفًا لهذا المرض في أوراق البردي التي تركها قدماء المصريين قبل الميلاد، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الدلائل التي تشير إلى وجود الأمراض العقلية والنفسية في الحضارات الأخرى.
هل الاكتئاب مرض نفسي أو عقلي؟
الاكتئاب يُعتبر اضطرابًا نفسيًا أو عقليًا أو من الأمراض النفسية والعقلية، فهو يتسم بتغيرات في المزاج والنشاط والتفكير، ويؤثر على الطريقة التي يشعر بها الشخص ويتفاعل مع الحياة اليومية، يعتبر الاكتئاب اضطرابًا شائعًا ومعترفًا به في مجال الصحة النفسية والطب، ويُعتبر أحد المسببات الرئيسية للعجز والمعاناة الشخصية.
يمكن أن يتسبب الاكتئاب في الأعراض المختلفة، بما في ذلك الحزن العميق، والشعور بالتعب والانعزال، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، وتغييرات في الشهية والنوم، وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات، يمكن أيضًا أن يؤثر الاكتئاب على الجسم بشكل عام، وقد يترافق مع آلام الجسم والأمراض الجسدية الأخرى.
من الضروري التشاور مع متخصص في الصحة النفسية أو الطب للتحقق من التشخيص وتقديم العلاج المناسب، يمكن أن تشمل خيارات العلاج الدوائي والعلاج النفسي، وغالبًا ما يتم استخدامهما معًا للتعامل مع الاكتئاب.
تاريخ حقوق المريض النفسي
تاريخ حقوق المرضى النفسيين يشير إلى أنه تم التركيز على حقوقهم بدرجات متفاوتة على مر العصور في النظرة التاريخية، يمكننا أن نرى بداية الاهتمام بحقوق المرضى النفسيين في العصور القديمة، فقد سجل قدماء المصريين على أوراق البردي تعاليم تؤكد احترامهم لهؤلاء المرضى وحقهم في العلاج والمعاملة الكريمة، ووضعوا قواعد تحتم مساعدتهم وتجنب التعدي عليهم.
كما أكد أبقراط الملقب بأبي الطب، أن الأمراض النفسية والعصبية لا تختلف عن الأمراض العضوية، وفي الإسلام جاءت التعاليم بما يعيد للمرضى النفسيين كرامتهم وتضع الأسس التي تنظم حياتهم وتحمي حقوقهم في حالة الصحة والمرض، في حين كان المرضى النفسيين يتعاملون بقسوة في أوروبا خلال العصور المظلمة، تم بناء أول مستشفى لعلاج المرضى العقلي في بغداد في العام 705م.
وعندما انتشرت الفتوحات العربية إلى الأندلس تم إدخال المستشفيات والمصحات النفسية، وكانت بداية لانتقال تقنيات العلاج المتقدمة إلى أوروبا، لقد سبقت مصر بما يقرب من 600 سنة في إنشاء “بيمارستان” أو مستشفى قلاوون بالقاهرة، الذي ضم قسمًا لعلاج الأمراض العقلية إلى جانب أقسام الجراحة، والطب الباطني، وأمراض العيون.
وفي العصر الحديث شهدت أساليب العلاج تطورًا هائلًا؛ حيث بدأ استخدام الأدوية الحديثة التي غيرت الكثير من واقع المرضى النفسيين، في العصر الحالي زادت فرص الشفاء من الأمراض النفسية بشكل كبير، وقد شهدت بلدان العالم عمومًا ومنطقة الشرق الأوسط التي تضم الدول العربية والإسلامية تحسنًا حقيقيًا في الصحة العامة، والصحة النفسية.
تطور الطب والعلاج النفسي
تحتوي الكتابات القديمة على وصف لوسائل العلاج المستخدمة في ذلك الوقت، مثل: ضرب المرضى، أو حرمانهم من الطعام حتى يتم تحفيز الذاكرة واستعادة الشهية، واستخدام وسائل التسلية والترفيه؛ لتحسين المزاج وتقديم الرعاية الروحية، ومع تطور التفكير الطبي والعلمي تغيرت أساليب العلاج، وتحسنت ظروف المرضى النفسيين.
في العصر الحديث أصبحت حقوق المرضى النفسيين تحظى بمزيد من الاهتمام والتركيز، تم تبني تشريعات وسياسات لحماية حقوق هؤلاء المرضى وضمان تلقيهم العلاج الكريم والمناسب، تشمل هذه الحقوق:
الحق في العلاج الملائم
يجب أن يتلقى المرضى النفسيون العلاج اللازم والمناسب وفقًا لاحتياجاتهم الفردية، يجب أن يتم تقديم الرعاية الصحية المهنية والدعم النفسي للمرضى بطريقة تحافظ على كرامتهم وحقوقهم.
الحق في المعلومات والموافقة المطلعة
يجب أن يحصل المرضى النفسيون على معلومات كاملة وواضحة عن حالتهم، والعلاج المقترح والتداعيات المحتملة، يجب أن يكون لديهم الحق في المشاركة في صنع القرارات المتعلقة برعايتهم الصحية.
الحق في الخصوصية والسرية
يجب أن يتم احترام خصوصية المعلومات الطبية للمرضى النفسيين وسرية المعلومات الشخصية، ينبغي أن تحمى معلوماتهم الصحية وأن يتم الكشف عنها فقط بموافقتهم، أو في حالات محددة بموجب القانون.
الحق في المساواة وعدم التمييز
يجب أن يتم التعامل مع الأمراض النفسية والعقلية بعدالة ومساواة، ويجب أن يتمتعوا بنفس الحقوق والفرص المتاحة للأفراد الآخرين، يجب أن يتم منع أي تمييز أو انتهاك لحقوقهم بناءً على حالتهم النفسية.
الحق في الشكاوى والتظلمات
يجب أن يكون لدى المرضى النفسيين الحق في تقديم شكاوى وتظلمات بشأن الرعاية الصحية التي يتلقونها، يجب أن تتوفر آليات للتحقيق في هذه الشكاوى، واتخاذ إجراءات تصحيحية إذا لزم الأمر.
المرض العقلي الوضع الراهن
تمت في النصف الثاني من القرن العشرين تغيرات هامة في فهمنا للمرض العقلي وحالته في الوقت الحاضر؛ ثورة الكيمياء والعقاقير كان لها دور كبير في هذا التغيير؛ حيث أدت إلى اكتشاف عدد كبير من الأدوية التي تعالج العديد من الحالات النفسية بطرق لم نكن نعرفها من قبل، بدأت هذه الثورة بالصدفة عندما اكتشف العلماء دواءً يدعى “كلوربرومازين”، وتبين لاحقًا أن له تأثيرًا مهدئًا على الجهاز العصبي.
ومنذ ذلك الحين توالت الاكتشافات الطبية وتطور صناعة الأدوية الحديثة التي تعيد التوازن النفسي لمرضى الاكتئاب وغيرهم، أظهرت الأبحاث التي أجريت في هذه الفترة وجود تغيرات كيميائية في الجهاز العصبي تؤثر في الحالة المزاجية، وتسبب ظهور أعراض الفصام والهوس والاكتئاب، ولذلك تركزت الأبحاث في مجال الأدوية الحديثة على استعادة التوازن الكيميائي الذي يؤدي إلى تحسين واضح في حالة هؤلاء المرضى.
انتشار الأمراض النفسية
بالنسبة لانتشار الأمراض النفسية والعقلية تشير الإحصائيات إلى زيادة انتشارها في جميع أنحاء العالم، فنسبة الإصابة بالاكتئاب النفسي تصل إلى 7٪، ونوبات الهلع تصل إلى 12٪، واضطراب الشخصية يصل إلى 3٪، ومرض الفصام حوالي 1٪، والوسواس القهري 3٪، والتخلف العقلي 4،2٪، وتشير الإحصائيات أيضًا إلى أن معدلات الانتحار تصل إلى 800 ألف حالة سنويًا.
هذه الأرقام تشير إلى وجود ملايين الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج للمشاكل النفسية، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية ولا يطلبون العلاج، فيما يتعلق بانتشار الأمراض العقلية في بلدان العالم، تشير الإحصائيات إلى زيادة نسبة الإصابة بها في الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
وأشارت بعض الدراسات إلى أن المرض العقلي ينتشر في جميع الطبقات الاجتماعية، وخاصة في الطبقات الاجتماعية، الاستثمارات الهائلة في مجال البحث العلمي والتطوير لمعالجة الأمراض العقلية، وقد أسفرت هذه الاستثمارات عن تطوير عدد كبير من الأدوية الجديدة والعلاجات التكنولوجية؛ للمساعدة في علاج الأمراض العقلية.
المرض العقلي في بلاد العالم
يستخدم المغناطيسية لتنشيط أو تهدئة نشاط الدماغ، والعلاج بالذكاء الاصطناعي الذي يستخدم تقنيات التعلم الآلي؛ لتحسين التشخيص وتوجيه العلاج، والعلاج بالواقع الافتراضي الذي يستخدم تكنولوجيا الواقع الافتراضي لمحاكاة بيئات ومواقف يمكن أن تساعد المرضى في التعامل مع أعراضهم.
علاوة على ذلك يتم توجيه العديد من الجهود نحو تعزيز الوعي العام بالصحة النفسية، وتقليل المرتبطة بالأمراض العقلية، تنظم المنظمات الصحية والحكومات حملات توعية وبرامج تثقيفية؛ للتحدث عن الصحة النفسية وتعزيز الوصول إلى الرعاية والعلاج اللازمين، على الرغم من هذه التطورات الهامة لا يزال هناك الكثير من التحديات في مجال الصحة النفسية.
فالموارد المتاحة للعلاج لا تلبي الحاجة العالمية المتزايدة، ولا يزال هناك نقص في الخدمات الصحية النفسية في العديد من البلدان، بالإضافة إلى ذلك تواجه الأمراض العقلية التحديات المرتبطة بالتمييز والمعاداة والتمييز الاجتماعي، مما يؤثر سلبًا على الأشخاص المصابين، ويعيق عملية العلاج والتعافي.
ظاهرة الجبل الجليدي
ظاهرة الجبل الجليدي “Iceberg” تعبير يستخدم لوصف الظواهر التي يظهر على سطحها جزء صغير فقط، بينما يكون الجزء الأكبر مخفيًا تحت الماء، وبالمثل يمكن استخدام هذا التعبير لوصف مشكلة الأمراض النفسية والعقلية؛ حيث إن حجمها الحقيقي وتأثيراتها الكامنة لا يمكن قياسها بالأرقام والإحصائيات فقط.
تتلخص المقاربة الجبل الجليدي في أن الأعراض المرئية والملحوظة للمرض العقلي هي جزءًا صغيرًا فقط من القضية بأكملها، في حين يكون هناك أعراض وتحديات أعمق وأكثر تعقيدًا تكمن تحت السطح، فالمظاهر الظاهرة للمرض العقلي قد تكون فقط نتيجة واحدة من العوامل المؤثرة المتعددة، مثل: التاريخ الشخصي، والتجارب السابقة، والعوامل البيئية، والتوترات الحالية.
إن استخدام مفهوم الجبل الجليدي يعكس أهمية فهم الجوانب الغير مرئية والمخفية للمرض العقلي، وهذا يتطلب تقديم رعاية شاملة، وفهم عميق للأشخاص المصابين بالأمراض العقلية، بما في ذلك التشخيص الدقيق والعلاج المناسب، والدعم النفسي والاجتماعي، فقط من خلال النظر بعمق وتجاوز الأعراض الظاهرة يمكننا فهم الأشخاص بشكل كامل، وتقديم الرعاية الشاملة التي يحتاجونها.
الأمراض النفسية pdf
سنطلعك أيضًا على نسخة من الأمراض النفسية pdf يمكن أن تتطلع من خلالها على المزيد من المعلومات التي تتعلق بالأمراض النفسية والعقلية، كل ما عليك هو الضغط على الرابط لتحميل الكتاب.
المصادر والمرجع
سوف تحصل على أفضل المعلومات من خلال Psychological and mental illnesses
في الختام يجب أن ندرك أن الأمراض النفسية والعقلية هي أمر طبيعي وشائع في الحياة، ويجب أن نعاملها بنفس الطريقة التي نعامل بها أنواع الأمراض الأخرى التي تصيب البشر في مختلف المراحل العمرية، نحن مؤسسة اتقان للخدمات الأكاديمية، لدينا فريق متخصص يقدم المساعدة، كل ما عليك التواصل معنا عبر الواتساب.