النظرية البنائية الوظيفية

في القرن العشرين، ازدهرت النظريات الاجتماعية والنظرية البنائية الوظيفية الكبرى، ومن بين هذه النظريات كانت البنائية الوظيفية تعتبر جزءًا هامًا من هذا القرن، وليس من المستغرب أنها ترتكز بشكل أساسي على دفاعها عن شرعية النظام الرأسمالي الذي ظهر في أوروبا في ذلك الوقت.

ما هي النظرية البنائية الوظيفية في علم الاجتماع؟

النظرية البنائية الوظيفية في علم الاجتماع هي إحدى المدارس النظرية الرئيسية في علم الاجتماع، تركز هذه النظرية على فهم كيفية تفاعل الأفراد والمؤسسات في المجتمع، وكيفية تحقيق التوازن والاستقرار الاجتماعي، تعتبر النظرية البنائية أحد التوجهات الوظيفية؛ حيث تعتبر المجتمع نظامًا اجتماعيًا متكاملًا يعمل على تحقيق أهداف محددة وتلبية احتياجات أعضائه.

تشدد النظرية البنائية على الدور الذي تلعبه المؤسسات والمؤسسات الاجتماعية في المجتمع، وكيفية تحقيق التوازن والانسجام بينها، وتعتبر الوظيفة الاجتماعية للأفراد والمؤسسات مركزية في هذه النظرية.

من هم رواد النظرية البنائية الوظيفية؟

رواد النظرية البنائية الوظيفية هم عدد من العلماء والباحثين البارزين في مجال علم الاجتماع، ومن بين هؤلاء الرواد:

إيميل دوركهايم

يُعتبر دوركهايم أحد أبرز رواد النظرية البنائية الوظيفية، قدم فكرة الوظيفة الاجتماعية وأشار إلى أن المؤسسات الاجتماعية؛ تؤدي إلى وظائف محددة في المجتمع، وتساهم في الحفاظ على التوازن والاستقرار الاجتماعي.

تالكوت بارسونز

يُعتبر بارسونز من أبرز المؤسسين للنظرية البنائية الوظيفية، قدم نظرية النظام الاجتماعي الذي يتألف من عدة أجزاء مترابطة تعمل معًا؛ لتحقيق الاستقرار والتوازن الاجتماعي، كما أشار إلى الأدوار المحددة التي يلعبها الأفراد والمؤسسات في المجتمع.

روبرت كين ميرتون

كان ميرتون أحد العلماء الذين أسهموا في تطوير النظرية البنائية الوظيفية، ركز على الدور الذي تلعبه القيم والمعتقدات في توجيه سلوك الأفراد، وتحقيق الاندماج الاجتماعي.

تالكوت شميت

قدم شميت مفهوم الأداء الاجتماعي، وأشار إلى أن المؤسسات الاجتماعية تؤدي دورًا حاسمًا في تحقيق الأداء الاجتماعي، وتحقيق الأهداف الاجتماعية.

مفهوم الوظيفية

مفهوم النظرية البنائية الوظيفية يشير إلى أن الكائن الحي يتألف من خلايا، وسوائل مختلفة تتفاعل وتترابط بشكل منظم، ولا يمكن اعتبار تلك الأجزاء وحدات منفصلة، بل هي جزء من وحدة حية متكاملة، يُطلق على هذا النسق العلاقات الوظيفية بين تلك الوحدات اسم البنية العضوية، وليس الكائن الحي نفسه، بل هو تجمع من الوحدات المنظمة في بنية، ويظل الكائن الحي مستمرًا في النمو والتنظيم، وفقًا لمجموعة من العلاقات بين تلك الوحدات.

وبنفس الطريقة يتكون المجتمع من وحدات مترابطة، وتتعاون هذه الوحدات في أداء وظائفها والحفاظ على التنظيم البنائي، وهذه الوظائف يمكن أن تعتبر دورة حياة للمجتمع؛ من حيث البناء؛ لذلك في سياق النقاش أو المقارنة العضوية، يجب أن نسلط الضوء على عملية التوازن والاستقرار.

وتعني الوظيفة محاولة رؤية الحياة الاجتماعية كوحدة اجتماعية ووظيفية متكاملة، وإذا كانت الوظيفية في القرن التاسع عشر تعتبر المجتمع وحدة تكوينية، فإنها ترى المجتمع على أنه مجموعة من العناصر المترابطة بشكل وظيفي.

مفهوم البناء

تتكون الكائنات الحية من مجموعة من الخلايا والسوائل التي تتواجد في الأنسجة، وعندما يكون لهذه الأجزاء علاقة منظمة ببعضها البعض؛ حيث لا تبدو منفصلة عن بعضها، بل تشكل وحدة حية متكاملة، فإن هذا الكائن الحي يعتبر نسقًا معقدًا ومتكاملًا يحتوي على تركيب عضوي من الجزيئات.

ويُطلق على العلاقات التي تربط هذه الوحدات اسم “البناء”، أو “التركيب العضوي”، ولا يعتبر الكائن الحي بناءً بحد ذاته، بل هو مجموعة من الوحدات (مثل: الخلايا، والجزيئات) التي تتشكل في شكل بناء.

ويُقال إن الكائن الحي هو بناء دون أن يكون هو نفسه البناء، ويتكون البناء من مجموعة العلاقات التي تحدث بين الوحدات (مثل: علاقات الجزيئات في الخلية، وعلاقات الإلكترونات والبروتونات في الذرة)، ويستمر الكائن الحي في البقاء على نوع معين من البناء طالما أنه حيًا، على الرغم من أنه لا يحتفظ بكامل أجزائه، مثل: الخلايا التي تشكله لفترة طويلة.

التوازن

بالنسبة لمفهوم التوازن، فقد استوحت النظرية البنائية الوظيفية مفهوم التوازن من الاتجاهات البيولوجية، وعند النظر إلى المجتمعات البشرية يُستخدم مفهوم الإنذار؛ للكشف عن المشاكل التي تحدث في تلك المجتمعات نتيجة انعدام التوازن في تنظيماتها الاجتماعية بين طبقاتها.

ووفقًا لهذا المفهوم يعني ذلك أن هناك تنظيمًا تلقائيًا يتم بواسطة النظام للبقاء على حالة دون تغير كبير، وعند حدوث شرخ أو خلل في أحد الأجزاء، يتم تعديل سرعات العناصر المكونة للنظام؛ بحيث تتوازن جميع الأعضاء للحفاظ على استقراره.

وإذا كانت الرؤية في النظرية البنائية الوظيفية تعكس النظرة العضوية في رؤيتها لبيئة المجتمع، فهناك أيضًا من ينظر إلى المجتمع كمنظومة ميكانيكية، وفي هذا المفهوم يُعتبر الفريق مثالًا للمنظومة؛ حيث يتكون من مجمعة أعضاء (الأفراد) التي تعمل معًا لتحقيق هدف مشترك، ويهدف التوازن في هذا السياق إلى تحقيق توازن بين الأفراد وبين الأهداف المشتركة؛ حيث يعمل كل فرد بشكل مناسب ومتناغم مع بقية الفريق لتحقيق التوازن العام.

رؤية المجتمع كنسق

المجتمع يمكن أن يُنظر إليه على أنه نسق يسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وعندما نقول “نسق” نعني أنه يتكون من مجموعة من الأجزاء المتنوعة التي تختلف عن بعضها البعض، وفي نفس الوقت تتعاون وتتكامل معًا لتشكل هذا الكل، يمكن أن يُشار إلى هذه الأجزاء المتنوعة باسم “الأنساق الفرعية”، والمجتمع بشكل عام يُعتبر الوحدة الكلية التي تقوم بأداء دور وظيفي، وهناك مجموعة من الأنساق الفرعية التي تشكل هذا المجتمع، وتعمل على مواجهة الضرورات، وتلبية المتطلبات والحاجات الوظيفية، وهي كالتالي:

  1. التكيف

يتولى النسق الاقتصادي الفرعي مسؤولية التكيف مع المتغيرات الاقتصادية، وتلبية احتياجات الإنتاج والاستهلاك.

  1. تحقيق الهدف

يقوم النسق السياسي الفرعي بضمان تحقيق الأهداف السياسية، وتنظيم العملية السياسية، واتخاذ القرارات المناسبة.

  1. التكامل

يعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون بين الأفراد والمجموعات في المجتمع.

  1. المحافظة على النمط أو خفض التوتر

يتولى المؤسسات الثقافية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية مهمة المحافظة على النمط الثقافي للمجتمع، وتقليل التوترات الاجتماعية.

الفعل الاجتماعي وأنساقه

أن أنساق الفعل الاجتماعي هي أنساق معقدة، وتتطلب تقسيمها إلى أنساق فرعية أخرى، وهذه الأنساق الفرعية هي:

  • النسق الثقافي

يركز على القيم والمعتقدات والتقاليد والعادات التي تميز المجتمع وتؤثر في سلوكه.

  • النسق السلوكي

يتعلق بالسلوكيات والأنماط السلوكية التي يتبعها الأفراد والمجموعات في المجتمع.

  • النسق الاجتماعي

يرتبط بالعلاقات الاجتماعية والتفاعلات بين الأفراد والمجموعات ودور كل فرد في المجتمع.

  • نسق الشخصية

إن النظرية البنائية الوظيفية تتعلق بالخصائص الفردية للأفراد والعوامل التي تؤثر ، يتضح أن هناك ترابطًا بين الأنساق الفرعية للفعل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار التشكل الثقافي لأنماط المعايير كمقولة أساسية تصف الروابط بين النسق الاجتماعي، والنسق الثقافي، بينما تتعلق الأنساق الثقافية والاجتماعية والشخصية والتنشئة الاجتماعية.

  • النسق الثقافي

النسق الثقافي يعتبر الثقافة قوة رئيسية تربط بين العوامل المختلفة في العالم الاجتماعي، وتسهم في تكامل الشخصية مع الأنساق الاجتماعية، تتجسد الثقافة في المعايير والقيم التي تحكم الأنساق الاجتماعية، وتؤثر في تشكيل الشخصية من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.

ومع ذلك يجب أن نلاحظ أن الثقافة ليست مجرد كيان تحليلي مستقل، بل هي نسق منظم يحتوي على معارف ورموز وأفكار وأدوات ومعدات، تكون هذه العناصر الثقافية متاحة للأنساق الأخرى لاستيعابها واستخدامها، يتفاعل النسق الثقافي مع الأنساق الأخرى ويتأثر بعلاقته معها، ويحتوي النسق الثقافي على نمط محدد من الرموز التي يتفاعل معها القائمون بالفعل الاجتماعي، وتتجسد هذه العناصر في نسق الشخصية من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.

  •  النسق الاجتماعي

النسق الاجتماعي يهتم علم الاجتماع بالسلوك الاجتماعي الذي ينشأ من تفاعل الأفراد والجماعات داخل المجتمع، يركز الاهتمام على العلاقة بين الفرد والآخرين داخل المجتمع، ويتم تشكيل السلوك الاجتماعي؛ من خلال المعايير والأهداف والمكافآت والعقوبات.

يتم تطبيق آليات التنظيم الاجتماعي؛ للحفاظ على التوازن داخل النسق الاجتماعي، ويرى علم الاجتماع أن هذه الرؤية تتجاوز إطار الفرد وتفاعله، وتشمل النسق الاجتماعي والنسق الثقافي، يتألف النسق الاجتماعي من مجموعة من الأفراد الذين يشغلون مواقع اجتماعية مختلفة ويقومون بأفعال اجتماعية.

  •  نسق الشخصية

نسق الشخصية يشكل جزءًا من الفعل الاجتماعي، ويتكون من توجيهات ودوافع الفرد، يتم تشكيل النسق الشخصي بناءً على الحاجات الدافعة للفرد التي تكون مكتسبة وليست فطرية، تختلف هذه الحاجات الدافعة عن الحوافز الفطرية، مثل: الجوع، والجنس، وتعتبر تشكيل أساسيًا للسلوك الاجتماعي، يؤثر النسق الشخصي على الاختيارات والقرارات التي يتخذها الفرد، ويساعد في تحديد تصرفاته وتفاعلاته مع الآخرين.

  •  النسق السلوكي

النسق السلوكي لم يُولَ اهتمامًا كافيًا، مثل: الأنماط الفرعية الثلاثة السابقة، يُعَدُّ النسق السلوكي مصدرًا للطاقة للأنماط الأخرى؛ حيث يعتمد على التكوين الوراثي، ولكنه ينظم نفسه من خلال عملية الاكتساب والظروف التي يمر بها الفرد خلال مراحل حياته.

النظرية البنائية الوظيفية pdf

سنطلعك أيضًا على نسخة من النظرية البنائية الوظيفية pdf، يمكن أن تتطلع من خلالها على المزيد من المعلومات التي تتعلق بالنظرية البنائية الوظيفية، كل ما عليك هو الضغط على الرابط لتحميل الكتاب.

المصادر والمراجع

سوف تحصل على جميع المعلومات من خلال Constructivist functional theory

 في نهاية المقال بعد تقديمنا حول النظرية البنائية الوظيفية، ومعرفة ما هي النظرية البنائية في علم الاجتماع، وتقديم مفهوم البناء ومعرفة من هم رواد النظرية البنائية، وتقديم عدة نصائح وحلول، نتمنى أن نكون أوفينا استفساراتكم، وأن تكون القراءة شيقة ومليئة بالمعلومات المفيدة، نحن مؤسسة اتقان للخدمات الاكاديمية، كل ما عليك التواصل معنا عبر الواتساب.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

× كيف يمكنني مساعدتك؟