إن فكرة البحث العلمي في حد ذاتها قائمة على التميز والتفرد بمعنى أن كل بحث له الطابع الخاص به الذي يميزه عن غيره من حيث المتغيرات وعلاقتها ببعضها البعض. ولكي يتم بيان الطبيعة الخاصة بتلك المتغيرات فإن الباحثين يحتاجون إلى تصميم إطارًا يوضح تلك العلاقات سواء أكان ذلك على مستوى البحث العلمي المنشور أم على مستوى الرسائل العلمية الجامعية، وهو ما يسمى بالإطار المفاهيمي للرسالة Thesis Conceptual Framework، ويعرف الإطار المفاهيمي في البحث العلمى بأنه شكل عام يوضح المتغيرات الرئيسية والأبعاد الفرعية التي تتضمنها تلك المتغيرات، وهو ما يتم اشتقاقهم في الأساس من عنوان الرسالة.
أهمية الإطار المفاهيمي للرسالة
إن الإطار المفاهيمي للرسالة هو جزء رئيسي من أصالتها وتميزها باعتباره المحدد الأساسي للعلاقات. وعليه، فإنه يمكن إجمال الأهمية الخاصة بالإطار النظري في النقاط التالية:
- بيان الهدف العام للرسالة.
- إبراز طبيعة المتغيرات الخاصة بالرسالة.
- توضيح الأبعاد الخاصة بكل متغير من متغيرات الرسالة.
- تحديد التوجه الخاص بالعلاقات من خلال الأسهم.
متطلبات تصميم الإطار المفاهيمي للرسالة
يتطلب تصميم الإطار المفاهيمي فهم المتغيرات الأساسية في البحث العلمي؛ ويعرف المتغير على أنه صفة أو قيمة يتم التعبير عنها بأشكال متنوعة؛ فهناك متغيرات اسمية ثنائية Dichotomious (مثل الجنس) الذي يتم التعبير عنه في صورة أما ذكر أو أنثى. وهناك متغيرات متعددة الفئات polytomous أو متغيرات رتبية مثل الدرجة العلمية للأستاذ الجامعي (مدرس – مدرس مساعد – أستاذ – أستاذ مساعد – أستاذ مشارك). وهذه المتغيرات سواء أكانت ثنائية أو متعددة الفئات تعكس ما يعرف باسم المتغيرات الديمغرافية Demographic Variables للدراسة.
جديرًا بالذكر هنا التأكيد على أن هناك مجموعة من المتغيرات الأخرى ذات صلة بعلاقات التأثير أو ما يطلق عليها (المتغيرات العلاقية/ الارتباطية) في البحث العلمي، والتي يمكن تقسيمها إلى المتغيرات المستقلة، والتابعة، والوسيطة، والمعدلة. يُعرف المتغير المستقل Independent Variable بأنه المتغير القادر على إحداث تأثير على المتغيرات الأخرى. أما المتغير التابع Dependent Variable فهو الذي يتأثر بالمتغير المستقل، ويتم تمثيل العلاقة بين المتغير المستقل والتابع كما هو مبين في الشكل التالي:
إن الشكل السابق يعكس العلاقة المباشرة بين المتغير المستقل والمتغير التابع. إلا أنه في كثير من الأحيان قد لا تكون تلك العلاقة مباشرة، بل تتطلب وجود متغير وسيط Mediating Variable، ويعرف المتغير الوسيط في هذه الحالة على أنه ذلك المتغير الذي يؤثر في العلاقة بين المتغير المستقل والتابع، أو بعبارة أدق فهو يغير في الأثر الذي يحدثه المتغير المستقل على التابع، وعادة ما يتم التعبير عن العلاقة بين المتغيرات المستقلة والتابعة والوسيطة كما هو مبين في الشكل التالي:
فإذا افترضنا أن باحث أراد عمل إطار مفاهيمي لموضوع دراسته الخاص بــــــــــــ (القيادة التحويلية وعلاقتها بالالتزام التنظيمي للمعلمين) فإن الإطار المفاهيمي للدراسة سيكون على النحو التالي:
تجدر الإشارة هنا إلى أنه قد يطلب المشرف الموكل إليه مهمة الإشراف عن الرسالة العلمية بيان الأبعاد الخاصة بالمتغيرات المستقلة والتابعة، وهذا يتطلب الاستعانة بإطار مفاهيمي أكثر تفصيلًا على النحو التالي:
أما فيما يتعلق بالمتغير المعدل Moderating Variable فهو متغير لا يؤثر على العلاقة بين المتغير المستقل والتابع وإنما قد يؤدي إلى تغيير الأثر؛ ففي المثال السابق يمكن اعتبار أن المتغير المعدل الخاص بسنوات الخبرة للمعلمين قد يؤدي إلى تغيير أثر القيادة التحويلية على الالتزام التنظيمي؛ بمعنى أن المعلمين الذين تزيد سنوات خبرتهم عن (10) سنوات قد يرون أن هناك علاقة ارتباطية إيجابية ذات دلالة إحصائية لبعد الحفز الفكري على الالتزام العاطفي، بينما قد يرى المعلمون الذين تقل سنوات خبرتهم عن (5) سنوات خلاف ذلك وبالتالي فإن العلاقة الارتباطية الإيجابية للعلاقة بين هذين البعدين ستكون لصالح من تزيد سنوات خبرتهم عن (10) سنوات.
خطوات إعداد الإطار المفاهيمي في البحث العلمى
لكي يتمكن الباحث من إعداد الإطار المفاهيمي في البحث العلمى ملائم لرسالته يتحتم عليه السير وفقًا لعدد من الخطوات المتمثلة في:
- الاتفاق مع المشرف على العنوان النهائي للرسالة.
- تحديد أبرز المتغيرات التي وردت في عنوان الرسالة.
- تصنيف المتغيرات إلى متغيرات (مستقلة وتابعة)، أو (متغيرات مستقلة وتابعة ووسيطة)، أو متغيرات (مستقلة، وتابعة، ووسيطة، ومعدلة).
- مراجعة الأدب النظري الذي تناول تلك المتغيرات للتعرف على الأبعاد التي تتضمنها.
- تحديد العلاقات بين المتغيرات من خلال الأسهم.
أما فيما يتعلق بالمتغير المعدل Moderating Variable فهو متغير لا يؤثر على العلاقة بين المتغير المستقل والتابع وإنما قد يؤدي إلى تغيير الأثر؛ ففي المثال السابق يمكن اعتبار أن المتغير المعدل الخاص بسنوات الخبرة للمعلمين قد يؤدي إلى تغيير أثر القيادة التحويلية على الالتزام التنظيمي؛ بمعنى أن المعلمين الذين تزيد سنوات خبرتهم عن (10) سنوات قد يرون أن هناك علاقة ارتباطية إيجابية ذات دلالة إحصائية لبعد الحفز الفكري على الالتزام العاطفي، بينما قد يرى المعلمون الذين تقل سنوات خبرتهم عن (5) سنوات خلاف ذلك وبالتالي فإن العلاقة الارتباطية الإيجابية للعلاقة بين هذين البعدين ستكون لصالح من تزيد سنوات خبرتهم عن (10) سنوات.
(لاحظ أنه في بعض الأحيان قد يكون شكل السهم نفسه له مدلول؛ بمعنى أنه في بعض الدراسات تجد أن السهم المتقطع ( ) مستخدم في الإشارة إلى علاقات لم يتم دراستها بشكل كافي في الأدب النظري أو علاقات غير مؤكدة، في حين أن السهم المتصل ( ) يشير إلى علاقات تم دراستها وتم تأكيدها).
الفرق بين الإطار المفاهيمي والإطار النظري
إن الإطار النظري للرسالة يعكس التأصيل النظري للموضوع من المراجع العلمية التي تناولته سواء أكان ذلك من حيث المفهوم، أم الأهمية، أم الأهداف، وكذلك النظريات التي تناولته ورواد تلك النظريات، ففي المثال السابق يمكن القول بأن الإطار النظري للرسالة في موضوع (القيادة التحويلية والالتزام التنظيمي) سيتضمن محورين أساسيين: الأول سيستعرض الأدب النظري ذات الصلة بالقيادة التحويلية من حيث النشأة، والتعريف، والأهمية، والنظريات المفسرة لها، ومتطلبات تطبيقها. أما المتغير الثاني فسيتضمن الالتزام التنظيمي من خلال استعراض المفهوم، والأهمية، والنظريات، والعوامل المؤثرة فيه، والعلاقة بينها وبين القيادة التحويلية.
أما الإطار المفاهيمي في البحث العلمى فيلاحظ أنه يركز في المقام الأول على بيان المتغيرات التي سيتم توظيفها في الدراسة والعلاقات بينها؛ كما هو مبين في الشكل السابق. جديرًا بالذكر هنا التأكيد على أن هناك علاقة ارتباطية ما بين الإطار النظري والإطار المفاهيمي؛ فالإطار النظري يمثل الأساس الذي يعتمد عليه الباحثون في استخراج الأبعاد الخاصة بالمتغيرات المحددة، فالأبعاد لا يتم تحديدها بصورة عشوائية وإنما يتم الاستناد إلى الأدب النظري الذي يوضح أبرز تلك الأبعاد المتفق عليها لكل متغير.
في هذه المقالة تم بيان طبيعة الإطار المفاهيمي في البحث العلمى، وأهميته، ومتطلبات تصميمه، وخطوات إعداده، وأوجه الشبه والاختلاف بينه وبين الإطار النظري للرسالة. يمكنك طلب خدمة إعداد الإطار النظري للرسالة وإعداد الإطار المفاهيمي للرسالة من شركة إتقان وتواصل مع المُحترفين اطلب الخدمة الآن من هنا