تعتبر التحليلات النفسية للأفلام إحدى النهج النقدية التي تهدف إلى فهم وتفسير الأعمال السينمائية؛ من خلال العناصر النفسية، والاجتماعية، والثقافية التي تتضمنها، تعتمد هذه النظرية على تطبيق المفاهيم والأدوات النفسية؛ لفهم شخصيات الأفلام والعلاقات بينها، بالإضافة إلى تحليل رموز ورموز الحلقة ومضامينها العميقة، تقدم التحليلات النفسية نظرة عميقة ومعمقة إلى الطبقات الداخلية للقصة والشخصيات، وتكشف عن العوامل النفسية التي تؤثر في سلوك الشخصيات وتطورها.
تحليل المضمون
تعتبر تحليل المضمون في نظر بعض النقاد طريقة سطحية للتعامل مع الأفلام؛ لكي يتمكن المحلل من فهم الإشارات النفسية في الأفلام بشكل صحيح، يجب عليه أن ينتبه إلى "المغزى الأعمق"، و"المعنى المجازي"، و"المعنى الضمني"، و"الرسالة المستترة"، و"الرمزية المضمرة"، وغيرها.
وفقًا لبول ريكور يمثل الرمز أي شيء يحمل معنى "حرفي، أساسي، مباشر" ومعنى "مجازي، ثانوي، غير مباشر" في نفس الوقت، إذا قمنا بفهم الفيلم كرمز في جوهره، وأدركنا أنه يحتوي على عدة مستويات من المعنى، فإن الأفلام ستكتسب سحرًا يجعلها تبدو "حبلى" بالمغزى وملتبسة من حيث المعنى في نفس الوقت.
الطبيعة البشرية
وفقًا لريكور تأثر تفكير القرن العشرين حول الطبيعة البشرية بشكل كبير بثلاثة باحثين رئيسيين، هم: ماركس، ونيتشه، وفرويد، والذين يُشار إليهم بأنهم" أبطال (فلاسفة) الشك"، وجد كل من هؤلاء المفكرين أن المجالات الرئيسية لدوافع البشرية، مثل: المال والسلطة والجنس، تتواجد على مستويين على الأقل:
المستوى المرئي والمستوى غير المرئي، وتتميز تلك القوى في المستوى غير المرئي بأن لها تأثير هائل على الأنشطة اليومية للأفراد، ولكنها نظرًا لطبيعتها تظل غامضة وتعزز الشك.
وتتميز هذه النظريات بمستوى عالٍ من الشك الأساسي الذي يشكك في الطبقة السطحية؛ حيث يكون الحقيقة دائمًا مطمورة وغامضة.
اقرأ أيضًا: أهمية التعلم الاستراتيجي للعلوم
أفلام نفسية عميقة
هناك العديد من الأفلام النفسية العميقة التي لها علاقة كبيرة بـ التحليلات النفسية للأفلام التي تستكشف العوالم الداخلية للشخصيات وتعامل مع القضايا النفسية المعقدة، إليك بعض الأمثلة على هذه الأفلام:
♦"الساعة الكبرى" (Grand Illusion) - إخراج جان رينوار.
♦"المنتج" (The Machinist) - إخراج براد أندرسون.
♦القلب الشجاع" (Eternal Sunshine of the Spotless Mind) - إخراج ميشيل غوندري.
♦"القاتل الصامت" (Taxi Driver) - إخراج مارتن سكورسيزي.
♦"مصاصو الدماء" (Let the Right One In) - إخراج توماس ألفريدسون.
♦"الشيء الذي لا يموت" (The Thing) - إخراج جون كاربنتر.
♦"الذئب في جلد الحمل" (The Wolf of Wall Street) - إخراج مارتن سكورسيزي.
♦"الجندي الأول" (First Reformed) - إخراج بول شرادر.
♦"الشبح في القذيفة" (Ghost in the Shell) - إخراج مامورو أوشي.
♦"الطائرة الورقية" (Kite Runner) - إخراج مارك فورستر.
تعرف على: أهمية التعزيز وأثره على الصحة النفسية
أشهر أفلام الاضطرابات النفسية
هناك العديد من الأفلام التي تتناول موضوعات الاضطرابات النفسية وتسلط الضوء على التحديات والتأثيرات النفسية التي يواجهها الأفراد، إليك بعض أشهر أفلام الاضطرابات النفسية:
♦"الجانب المشرق للحياة" (Silver Linings Playbook) - يتناول الفيلم قصة رجل يعاني من اضطراب ثنائي القطب ويحاول إعادة بناء حياته.
♦"مشتبه به رقم واحد" (One Flew Over the Cuckoo's Nest) - يروي الفيلم قصة رجل يتم إيداعه في مستشفى للأمراض العقلية ويواجه تجربة غير مألوفة في هذا البيئة.
♦"شتاء الأرواح الجميلة" (A Beautiful Mind) - يستند الفيلم إلى قصة حقيقية لعالم الرياضيات جون ناش ويسلط الضوء على حياته واضطراب فصام الابتكار.
♦"الفتاة الثالثة" (Girl, Interrupted) - يروي الفيلم قصة فتاة تعاني من اضطراب الشخصية الحدية وتقضي وقتًا في مستشفى الأمراض العقلية.
♦"البلوز الكبير" (The Big Lebowski) - يصور الفيلم شخصية تعاني من القلق ويواجه مجموعة من الأحداث الغريبة.
♦"الساعة 25" (25th Hour) - يتناول الفيلم قصة رجل يواجه عقوبة السجن ويعاني من صراعات نفسية قبيل موعد السجن.
النظرية الفرويدية (التحليل النفسي)
النظرية الفرويدية (التحليل النفسي) هي معقدة للغاية، تستخدم النظرية العديد من المصطلحات ولديها تاريخ متجزئ وفروع متعددة، فرويد كان دائمًا شخصية مثيرة للجدل، ويمكن انتقاد مناهجه واستنتاجاته بشدة، عندما يتعرف الناس على التحليل النفسي للمرة الأولى، غالبًا ما يشعرون بالارتباك ويميلون إلى رفضه بسبب طابعه الغريب.
ومع ذلك لا يزال هناك عدد كبير من علماء النفس يعتقدون أن العديد من الأفكار الأساسية لفرويد صحيحة، وحتى الأفكار التي قد تبدو غير صحيحة تثير الاهتمام، في إطار عملي في التعليم الجامعي، حاولت تدريس فرويد بطريقة سهلة ومتوافقة مع أفكاره، يمكن فهم جوهر الفكر الفرويدي؛ من خلال افتراضات أساسية حول الطبيعة البشرية، والتي تؤثر بشكل كبير على كيفية تفسير الأفلام.
يتحرك البشر منذ الولادة بواسطة رغبات أنانية، مثل: الجوع، والجنس، والعنف، بهدف الحصول على المتعة وتجنب المعاناة، هذا البحث الأناني عن المتعة هو موضوع شائع في الأفلام، نحن نولد بدوافع أساسية وبطاقات حيوية أولية، وتعلمنا من خلال الحياة أنه لا يمكننا تحقيق كل رغباتنا بشكل كامل، لذلك نتعلم التفاوض الضروري في الحياة اليومية.
احصل على: بحث قصير عن التحليلات النفسية للأفلام
ما تتضمنه قصص الأفلام؟
تشتمل قصص الأفلام ودراسة التحليلات النفسية للأفلام عادة على عناصر، مثل: الجن، والسحرة الشريرة، قراءة فرويدية لفيلم "ساحر أوز" تعتبر مغامرة دوروثي فيه مجازًا لرحلة المراهقة، وهي المرحلة الأخيرة في نظرية فرويد التطورية، ترتبط هذه المرحلة بالاهتمامات الجنسية والرغبة في الجماع الجنسي، من الجانب الاجتماعي، يجب على الفتاة أن تدرك قصور والديها قبل أن تطور حسًا قويًا للذات وتصبح جديرة بالحب.
إن عدم مواجهة تلك النقاط الضعيفة قد تؤدي إلى بقاء صراعات الطفولة المدفونة وتأثيرها علينا إلى الأبد، كانت ردة فعل دوروثي الأولى هي الانتفاضة ضد حارسيها العطوفين الذين لم يكونا مثاليين؛ من خلال الهروب إلى عالم الخيال في هذا العالم، تتميز الشخصيات الأبوية بالتقسيم إلى الخير (جليندا الساحرة الطيبة وأوز القوي والمهيب) والشر (الساحرة الشريرة).
يجب على دوروثي أن تواجه الساحرة الشريرة وتهزمها، وهي تمثل صورة الأب المستبد الذي تخافه، ولكنها أيضًا يجب أن تكشف عن القناع عن الساحر الكلي القدرة، وتدرك أن القدرة على العودة إلى المنزل موجودة بداخلها، عندما تعود إلى كانساس، فإنها تكتمل كـ "أنا" للشابة الناضجة المستعدة؛ لمواجهة حقائق العالم اليومي الباهت:
1-التحليلات الديناميكية النفسية للأفلام
لا يقتصر تحليل الأفلام من منظور نفسي على أفلام الأطفال فقط، كتاب "الأفلام دراسة سيكولوجية" للمؤلفين فلفنشتاين وليتس، الذي نُشر في الخمسينيات، كان أحد أوائل المحاولات لتطبيق النقد النفسي على الأفلام الأمريكية الشهيرة باستخدام الفروض الديناميكية النفسية، أحد مواضيع هذا النهج هو "الاعتداءات غير المبررة" التي يتعرض لها البطل الذي لم يرتكب ذنبًا في فيلم "النوم الكبير".
يتعرض المحقق السري فيليب مارلو لهجمات وتهديدات متكررة بدرجة أنه يقول بسخرية إنه يبدو أن الجميع الذين ييقابلهم في هذا العالم الذي يسوده الفساد يرغبون في ضربه، يمكن تفسير هذه الهجمات غير المبررة باستخدام النظرية النفسية لفرويد حول الرغبة الغريزية في إشباع النزعة العدوانية، يمكن أن تكون هذه الهجمات تعبيرًا عن توترات مخفية أو رغبات مكبوتة لدى الشخصيات الشريرة في الفيلم.
بالإضافة إلى ذلك يمكن النظر لـ التحليلات النفسية للأفلام من منظور نفسي لفهم دوافعهم وتصرفاتهم، على سبيل المثال في فيلم "الهروب من السجن الأخضر"، يمكن تحليل شخصية آندي دوفرين بواسطة نظرية فرويد للنمو النفسي، تعاني شخصية آندي من صعوبات نفسية عميقة بسبب ظروف حياته الصعبة والإهانات المستمرة التي يتعرض لها في السجن، يستخدم آندي الإبداع والذكاء للتحرر من الظروف القاسية والاستبداد الذين يحيطون به، يمكن أن يكون هروبه من السجن والسعي للحرية رمزًا لرغبته العميقة في تحقيق النمو النفسي والتحرر من القيود النفسية.
تابع قراءة موضوعنا: ما هي الأفلام التي يشاهدها الناس؟
2-التحليل النفسي لفيلم «البريق»
فيلم "البريق" يتضمن إشارات تلميحية ورموز خفية تعبّر عن الدافع المتجذر في الذكورية الغربية تجاه الإبادة الجماعية، وفقًا لفرويد يعتقد أن غريزة الموت موجودة في جميع البشر، وعندما تتجاوز هذه الغريزة الحدود المناسبة وتشكل تهديدًا للذات، فإنها تُوجه نحو الآخرين، وتُعتبر الإبادة الجماعية تجسيدًا متطرفًا لهذا الدافع الموجه نحو الموت، يستدعي الفيلم فكرة الإبادة الجماعية، وبشكل خاص في سياق ألمانيا النازية؛ من خلال إشارات تلميحيه ورموز خفية.
فعلى سبيل المثال يقوم الشخصية الرئيسية جاك تورينس (جاك نيكلسون) بالوصول إلى فندق منعزل في سيارة فولكس فاجن، والتي تشبه النجمة الصفراء التي كان يتعين على اليهود ارتداؤها خلال الحرب العالمية الثانية، كما يستخدم جاك آلة كاتبة ألمانية تعود إلى فترة النازية لكتابة مذكراته الملتوية، بالإضافة إلى ذلك يمكن رؤية رمزية أخرى تتعلق باستخدام الأرقام، مثل ظهور العام 1939 (بداية الحرب) على صناديق المواد الغذائية وما إلى ذلك.
3-«المقاصد الواعية» للكتاب والمخرجين
يمكن تفسير "المقاصد الواعية" للكتاب والمخرجين على أنها النية المباشرة والمعنية التي يضعها الفنانون والمبدعون في إنتاج أعمالهم الفنية، يمكن أن تكون هذه المقاصد متعددة ومتنوعة وتشمل الرغبة في التعبير عن رؤيتهم الفنية والتحليلات النفسية للأفلام، نقل رسالة أو فكرة معينة، استكشاف قضايا معينة، إثارة الانتباه أو إلهام المشاهدين، إيصال رسالة سياسية أو اجتماعية، أو توفير تجربة فنية ممتعة ومؤثرة للجمهور.
يعتمد "المقاصد الواعية" على رؤية الكتاب والمخرجين وفهمهم للفيلم ورؤيتهم الشخصية، يمكن أن تكون هذه المقاصد واضحة ومعلنة مسبقًا، أو قد تكون أكثر ضبابية ومفتوحة لتفسير المشاهدين، قد يكون لدى الفنانين رغبة في إيصال مفهوم معين أو توليد تأثير معين على الجمهور، ويمكنهم استخدام مختلف الأساليب والتقنيات الفنية لتحقيق هذه المقاصد.
لا تفوت مقالنا: ما هي الأفلام التي تعجب الناس؟
المصادر والمرجع
سوف تحصل على جميع وهذا من خلال Psychological analyzes of films
في نهاية المقال بعد تقديمنا حول التحليلات النفسية للأفلام، وتقديم أشهر الأفلام العميقة النفسية، وتقديم النظرية الفرويدية (التحليل النفسي)، وتقديم عدة نصائح وحلول، نتمنى ان نكون أوفينا استفساراتكم وأن تكون قراءة شيقة ومليئة بالمعلومات المفيدة، نحن مؤسسة اتقان للاستشارات الأكاديمية، نقدم لك أفضل مراكز لعمل رسائل الماجستير، وهذا من خلال التواصل معنا عبر الواتساب.
